مرض كرونز
مرض كرونز هو مرض التهابي يُصيب أي جزء من الجهاز الهضمي، لا سيما الأمعاء الدقيقة.
يُعدّ مرض كرونز أحد نوعَي مرض التهاب الأمعاء (Inflammatory bowel disease)، أما النوع الآخر فهو مرض التهاب القولون التقرّحي.
هناك بعض الأدلة على أنه يساهم في حدوثه بعض العوامل الجينيّة، وأن المناعة الذاتية لها دور في الإصابة به.
مرض كرونز من الأمراض التي تظهر أعراضها في صورة انتكاسة ثم تعافي (هَدْأة) بصورة دَوريّة. ومن هذه الأعراض الإصابة بإسهال، وارتفاع درجة حرارة الجسم ونزول دم في البراز.
في هذا المقال سوف نتحدث عن أسباب مرض كرونز وعوامل الإصابة به، وأعراضه، وكيفية تشخيصه وعلاجه، والمضاعفات الناتجة عنه.
أسباب مرض كرونز
من غير المعروف بتأكيد جازم إلى الآن ما هي الأسباب الأكيدة للإصابة بمرض كرونز.
قديماً كان يُعتقد أن هناك أنواع مُحددة من الأطعمة، بالإضافة إلى التوتّر هي التي تؤدي إلى الإصابة بهذا المرض، ولكن اتضح لاحقاً أنهما لَيسا من الأسباب، لكن قد يؤديان إلى تفاقم الأعراض.
السببان الأكثر ارتباطاً الآن بمرض كرون هما العوامل الجينية، والمناعة الذاتيّة.
من العوامل الجينيّة وجود طفرة من نوع NOD2/CARD15. أما المناعة الذاتيّة فهي هجوم الجهاز المناعي بالخطأ على الجسم.
ومن مُهيّجات المناعة الذاتية في مرض كرون: وجبات معينة، والتوتر، وحدوث عدوى، وبعض الأدوية.
عوامل الإصابة بمرض كرونز
لا تُعتبر هذه العوامل أسباباً مباشرة للإصابة بمرض كرونز، ولكن وجودها يرفع من احتمالية الإصابة بهذا المرض.
ومن هذه العوامل:
١-العِرق:
وُجِد أن البِيض هم أكثر المصابين بمرض كرونز، ولكن تحديداً اليهود من شرق أوربا (الأشكناز) هم أكثرهم في مُعدّلات الإصابة به.
لكن من الملاحظ ارتفاع مُعدّلات الإصابة به بين سكان الشرق الأوسط والمهاجرين إلى الولايات المتحدة.
٢-التدخين:
يُعتبر التدخين أحد عوامل الخطورة التي يمكن السيطرة عليها وبالتالي تقليل فرصة الإصابة بهذا المرض.
كذلك يُعتبر التدخين من الأشياء التي تتسبب في تفاقم المرض بعد حدوثه، ولذلك من المهم للغاية التوقف عن التدخين.
٣-التاريخ العائلي:
في حال وجود قريب من الدرجة الأولى لديه هذا المرض، فإن احتمالية الإصابة به ترتفع بنسبة ٢٠%، حيث إن من بين كل ٥ مصابين بمرض كرونز هناك واحد منهم لديه قريب من الدرجة الأولى مصاب به أيضاً.
٤-العُمر:
قد يحدث داء كرونز في أي سن، ولكن غالباً ما يحدث في مرحلة الشباب وتحديداً قبل بلوغ ثلاثين عاماً.
أعراض مرض كرونز
تأخذ أعراض مرض كرونز صورة الانتكاسات ثم الهدَآت (فترات التعافي) بشكل دوري، حيث تشتد الأعراض بصورة مفاجئة ثم تختفي لأسابيع أو شهور.
من الملاحظ أيضاً أن في أحيان كثيرة تكون الانتكاسات أشد من التي قبلها.
هناك أعراض كثيرة مُزعجة لهذا المرض ومنها:
١-الإسهال.
٢-ارتفاع حرارة الجسم.
٣-الغثيان والتقيّؤ.
٤-نزول دم مع البراز.
٥-ألم في البطن.
٦-فقدان للوزن.
وهناك أعراض أخرى خارج نطاق الجهاز الهضمي تظهر في نسبة تزيد عن ٢٥% من مرضى كرونز، ومنها:
-التهاب القزحيّة.
-قُرَح في الفم.
-حصوات في المرارة.
-التهاب القناة الصفراوية.
-حصوات في الكلى.
-عدوى في المجرى البولي.
-التهابات في المفاصل.
وقد تحدث هذه الأعراض قبل أو بعد التشخيص بمرض كرونز.
تشخيص مرض كرونز
يعتمد تشخيص كرونز أولاً على معرفة الأعراض، وهي كما ذكرناها بالأعلى.
بعد معرفة الأعراض سيطلب الطبيب المختص من المريض إجراء بعض التحاليل مثل:
١-صورة دم كاملة:
يساعد ذلك على استبعاد وجود عدوى، وكذلك من المهم إجرائه لتحديد إذا كان هناك أنيميا وبالتالي معرفة احتمال نزول دم في البراز.
٢-وظائف الكبد ووظائف الكلى:
لمعرفة إذا كان هناك ضرر على أي منهما.
٣-تحليل براز:
لمعرفة إذا كان هناك دم في البراز من عدمه، واستبعاد وجود عدوى.
بعد إجراء التحاليل يتبقى أهم ركنين لتشخيص مرض كرونز وهما الأشعة التصويرية والمنظار:
١-الأشعة:
أساليب التصوير التي تساعد أكثر في تشخيص كرونز هي الأشعة المقطعية، والتصوير بالرنين المغناطيسي.
٢-المنظار:
يقوم الطبيب بإدخال المنظار إلى المكان الذي يشتبه في وجود المرض فيه، وهو عبارة عن أنبوب رفيع مُزوّد بكاميرا يستطيع من خلالها الطبيب الرؤية.
وكذلك هو مزوّد بأداة تمكنه من أخذ عيّنة نسيجية (خزعة) من موضع الاشتباه في الإصابة ليتمكن من تحليلها خارج الجسم والتشخيص بدقة.
علاج مرض كرونز
هناك علاجات دوائية كثيرة لداء كرونز، ويختلف الاختيار بحسب حالة كل مريض.
يهدف العلاج الدوائي لتقليل الأعراض بالذات في فترة النكسة، وتطويل المدة التي لا تحدث فيها أعراض (تطويل فترة الهَدْأة)، وعلى المدى الطويل يهدف إلى منع المضاعفات، وربما التعافي من المرض.
من هذه العلاجات الدوائية:
١-مضادات الالتهاب:
أ-الكورتيكوستيرويدات: مثل بردنيزون وبيوديزونايد، ولا يُفضل استخدامهم لمدة طويلة تتخطى ٣ أو ٤ شهور بسبب مخاطر الآثار الجانبية للكورتيكوستيرويدات كهشاشة العظام وغيرها.
ب- ٥-أمينو ساليسيلات: مثل ميسالامين وسالفاسالازين.
وفائدتها غير مؤكدة في داء كرونز مقارنةً بالتهاب القولون التقرّحي، ويمكن محاولة استخدامها في الحالات البسيطة فقط.
٢-الأدوية المثبطة للمناعة:
مثل أزاثيوبرين، ويجب المتابعة الدائمة بالفحوصات لأن آثارها الجانبية قوية.
٣-الأدوية الحيوية:
وهي أدوية تستهدف مكونات مُحددة في الجهاز المناعي ومن هذه الأدوية: إنفلكسيماب وأوستيكينوماب.
٤-أدوية أخرى:
-كالمضادات الحيوية مثل ميترونيدازول وسيبروفلوكساسين، وذلك لاستهداف البكتيريا الضارة التي تساهم في التهاب الأمعاء.
-هناك أيضاً أدوية تستهدف تحسين الأعراض فقط وليس العلاج مثل المكملات الغذائية كالحديد والفيتامينات لتعويض نقصها الناتج عن فقدان الدم مع النزيف أو مشاكل الامتصاص.
-ومثل المسكنات خافضة الحرارة مثل بارسيتامول، وأدوية التقيؤ مثل أوندانسيترون.
٥-الجراحة:
بعض فئات المرضى يحتاجون لإجراء جراحة.
في الجراحة يتم إزالة الأجزاء التالفة من الجهاز الهضمي وإعادة توصيل الأجزاء السليمة بعضها ببعض.
ومع ذلك لا تؤدي الجراحة إلى الشفاء النهائي من مرض كرونز، ويجب أن يتبعها علاج دوائي لتقليل فرصة إعادة حدوث المرض.
مضاعفات مرض كرونز
هناك عدة مضاعفات تنتج عن مرض كرونز مثل:
١-أنيميا حادة:
تحدث نتيجة النزيف، وعدم علاجها لمدة طويلة قد يؤدي لمشاكل بالقلب ثم خطورة على حياة المريض.
يحدث نقص الحديد وفيتامين ب ١٢ أيضاً نتيجة مشاكل الامتصاص التي تحدث لدى مرضى كرونز.
٢-سرطان القولون:
ترتفع فرصة حدوثه مع الإصابة بمرض كرونز، ولذلك يجب البدء بعمل منظار لفحص الإصابة بسرطان القولون كل عام أو عامين بعد مرور ٨ أعوام من الإصابة بكرونز.
٣-الشق الشرجي:
وهو تمزق لبطانة فتحة الشرج أو الجلد المحيط بها، ويؤدي لألم حاد عند التبرز ونزول للدم، وقد يؤدي لحدوث ناسور.
٤-الناسور:
الناسور هو عبارة عن اتصال غير طبيعي بين جزئين مختلفين في الجسم، مثل بين الأمعاء والجلد. في داء كرونز يحدث ناسور شرجي غالباً.
يؤدي مرض كرونز إلى حدوث شق الشرجي، والشق الشرجي يؤدي إلى حدوث عدوى ثم خُرّاج شرجي. يتسبب الخرّاج في عمل نفق (وبالتالي اتصال غير طبيعي) خلال الشرج إلى خارج الجلد.
٤-جلطات:
يزيد مرض كرونز من لزوجة الدم أحياناً ويرفع فرصة الإصابة بجلطات.
المصادر
إخلاء مسؤولية
كل المقالات المكتوبة في موقع الصحة غرضها معلوماتي فقط، وليس للاعتماد عليها في التشخيص أو العلاج أو التصرّف بناءاً عليها كبديل عن طلب الرعاية الصحّية من المُختصّين.