التهاب القولون التقرحي

رجل يمسك ببطنه متالما من تقرحات القولون

التهاب القولون التقرّحي (Ulcerative colitis) هو أحد نوعَي مرض التهاب الأمعاء (Inflammatory bowel disease). أما النوع الآخر فهو مرض كرونز (Crohn’s disease).

في مرض التهاب القولون التقرّحي يُصاب قولون المريض بالالتهاب، والقولون هو الأمعاء الغليظة والمستقيم، أي: كل ما بعد الأمعاء الدقيقة. 

وتظهر اعراض التهاب القولون التقرّحي وتتطور غالباً بصورة تدريجية، مثل نزول دم مع البراز وإسهال قوي وفقدان الوزن وغيرهم.

غير المعروف بدقة أسباب هذا المرض ولكن يُعتقد أن لها علاقة بالجهاز المناعي، حيث يُهاجم الجسم بالخطأ

عدم علاج المرض قد يتسبب في مضاعفات كبيرة كأنيميا حادة، وجفاف شديد، وثقب في القولون، وتضخم القولون السُّمّي وغيرهم.

هناك علاجات لالتهاب القولون التقرحي تنجح في تحسين الأعراض بصورة كبيرة وتؤدي لتعافي المريض على المدى الطويل، وتقلل من حدوث المضاعفات.

في هذا المقال سنتحدث عن اعراض التهاب القولون التقرحي، وأسبابه وعوامل الإصابة به، وكيفية تشخيصه وعلاجه، والمضاعفات الناتجة عن إهمال العلاج. 

اعراض التهاب القولون التقرحي

اعراض التهاب القولون التقرحي مُتعدّدة، وهي عادة تظهر وتتطور بصورة تدريجية ولا تظهر وتتطور بصورة مفاجئة، ومن هذه الأعراض:

١-زيادة عدد مرات التبرز (إسهال).

٢-نزول دم وصديد مع البراز.

٣-ألم وتقلصات في البطن.

٤-ألم في المستقيم.

٥-ارتفاع درجة حرارة الجسم.

٦-فقدان للوزن.

٧-إلحاح مفاجئ للتبرز.

٨-عدم قدرة على التبرز رغم هذا الإلحاح.

٩-أعراض أنيميا (إرهاق وهبوط ضغط الدم وعدم القدرة على بذل مجهود مستمر وسرعة ضربات القلب مع المجهود وبرودة الأطراف وغير ذلك)، وتحدث بسبب فقدان الدم مع التبرز.

أسباب التهاب القولون التقرحي

قديماً كان يُعتقد أن التهاب القولون التقرحي ينتج عن بعض الوجبات ووجود ضغط على المريض كالتوتر أو غيره. لكن ثبُت أنها ليست من الأسباب.

وأصبح يُعتقد الآن أن السبب مُتعلّق بالجهاز المناعي، وتحديداً أن الجهاز المناعي يهاجم القولون بالخطأ عند وجود عدوى فيروسية أو بكتيرية.

وهذا يُعرّف بأنه من أمراض المناعية الذاتية (Autoimmune diseases)، التي يهاجم فيها الجهاز المناعي أعضاء الجسم بالخطأ.

ومع ذلك فهذا السبب ليس أكيداً إلى الآن، وما زال البحث قائماً لمعرفة السبب الأكيد لالتهاب القولون التقرحي.

وهناك احتمال بوجود مُكوّن جيني يساهم في الإصابة بهذا المرض لارتفاع نسبة الإصابة في عرقية معينة، وارتفاع نسبة الإصابة عند وجود أقارب مصابين به.

عوامل الإصابة بالتهاب القولون التقرحي

وُجدت عدة عوامل ترفع فرص الإصابة بالتهاب القولون التقرحي ومنها:

١-وجود المرض في العائلة:

وُجد أن فرصة إصابة الفرد بالتهاب القولون التقرحي تزيد أربعة أضعاف مقارنةً بغيره إذا كان لديه قريب من الدرجة الأولى مصاب بهذا المرض.

وبشكل عام فوجود تاريخ عائلي يرفع فرصة الإصابة ما بين ٨ إلى ١٤% بالتهاب القولون التقرحي.

٢-السن:

هناك فترتان عمريّتان منفصلتان ترتفع فيهما نسبة الإصابة بالتهاب القولون التقرحي وهما الفترة بين سن ١٥ إلى ٣٠ عاماً، وما بين ٥٠ إلى ٧٠ عاماً.

٣-العرق:

يُلاحظ ارتفاع نسبة إصابة اليهود الأشكناز بالتهاب القولون التقرحي من بين العرقيات الأخرى.

٤-الجغرافيا وأسلوب المعيشة:

يُلاحظ ارتفاع عدد المصابين في أمريكا الشمالية وشمال أوروبا مقارنةً بعددهم في المناطق الأخرى، ويُعتقد أن أسلوب الحياة الغربي له دور في الإصابة بالتهاب القولون التقرحي.

تشخيص التهاب القولون التقرحي

يعتمد تشخيص التهاب القولون التقرحي على معرفة الطبيب بالأعراض من خلال سؤال المريض ومقارنتها بأعراض هذا المرض ومعرفة مدى التطابق، ثم بعد ذلك يطلب بعض الاختبارات ومنها:

١-تحليل براز:

تساعد عينة البراز على التأكد من وجود دم في البراز من خلال معرفة عدد خلايا الدم الحمراء به، حيث لا يظهر الدم بلونه الأحمر المعروف في البراز. كذلك يساعد تحليل البراز على استبعاد الأسباب الأخرى للأعراض كوجود عدوى فيروسية أو بكتيرية أو طفيلية.

٢-صورة دم كاملة:

وذلك لتشخيص وجود أنيميا حيث تنتج الأنيميا عند مرضى التهاب القولون التقرحي نتيجة النزيف وفقدان الدم. كذلك هناك مؤشرات تساعد على التعرف على وجود عدوى كعدد خلايا الدم البيضاء.

٣-منظار للقولون:

حيث يُدخل الطبيب أنبوب صغير مصحوب بكاميرا دقيقة تعمل على تصوير القولون، وهو قادر على سحب عينة من الأنسجة لتحليلها والتأكد من وجود التهاب القولون. هذه العينة حجر أساس في التشخيص.

٤-أشعة على القولون:

لاستبعاد أو تأكيد وجود مضاعفات مثل ثقب القولون أو تضخمه.

علاج التهاب القولون التقرحي

يعتمد علاج التهاب القولون التقرحي في الخطوة الأولى على أدوية مضادة للالتهاب وهي من عائلتين:

١- عائلة ٥-أمينوساليسيلات:

مثل سلفاسالازين، ميسالامين، بالاسالازايد، وأولسالازين، ويمكن أخذ هذه الأدوية بالفم أو بالحقنة الشرجية أو في صورة تحاميل(لبوس)، وتعتمد طريقة الأخذ على طبيعة المرض عند المصاب به وقرار الطبيب.

٢-الكورتيكوستيرويدات:

مثل بردنيزون، وبيوديسنوايد. تعمل الكورتيكوستيرويدات من خلال تقليل الالتهاب وتثبيط الجهاز المناعي. لا يُفضل الاستمرار عليها لمدة طويلة لآثارها الجانبية، وتُأخذ بصورة مؤقتة في الحالات المتوسطة إلى الشديدة.

في الخطوة التالية للخطوة الأولى -التي تقتصر على الأدوية الأكثر بساطة- ، يلجأ الطبيب لبعض الأدوية الأقوى لكن ذات الآثار الجانبية الأكبر وهي:

١-الأدوية المُثبطة للمناعة:

مثل أزاثيوبرين، وميركابتوبيورين، وسايكلوسبورين، وأيضاً أدوية الجزيئات الصغيرة مثل توفاسيتينيب وهي أكثر خطورة من سابقتها. ولا تستخدم مثبطات المناعة إلا في الحالات الشديدة والحالات التي لا تستجيب لمضادات الالتهاب.

٢-الأدوية الحيوية:

وهي أدوية تستهدف مكونات دقيقة في الجهاز المناعي، ومن هذه الأدوية: إنفلكسيماب وأداليموماب، وهي ذات آثار جانبية كبيرة ولا تستخدم إلا في الحالات التي لا تستجيب للعلاجات الأخرى.

٤-أدوية أخرى:

مثل لوبيرامايد، ولكن لا يُستخدم إلا بعد استشارة طبيب لأن استخدامه غير الصحيح قد يتسبب في تضخم القولون السمّي.

٥-مسكنات مثل ايبوبروفين أو باراسيتامول.

٦-مكملات حديد في حال وجود أنيميا.

٧-التدخل الجراحي باستئصال القولون:

وهو حل تام للمشكلة حيث إن المرض موجود بالقولون فقط، ولكن بالطبع كأي جراحة هناك مخاطر. يُنصح بالجراحة عند حدوث مضاعفات مهددة للحياة كثقب القولون أو تضخم القولون السمّي أو حدوث نزيف شديد للغاية.

مضاعفات التهاب القولون التقرحي

لا تزيد نسبة الوفاة عند مرضى التهاب القولون التقرحي مقارنةً بعموم الناس ولكن في حال عدم علاج هذا المرض بشكل مناسب قد تحدث عدة مضاعفات منها:

١-أنيميا شديدة:

تنتج الأنيميا من النزيف المتكرر مع الإسهال، وفي حال استمرارها مدة كافية قد تتسبب في جلطة للقلب.

٢-جفاف شديد:

يحدث الجفاف بسبب خروج السوائل من الجسم بشكل متكرر مع الإسهال وصعوبة تعويض ذلك بشرب المياه. يتسبب ذلك في هبوط شديد في الدورة الدموية.

٣-ثقب في القولون:

وهو أقل المضاعفات شيوعاً ولكنه مُهدد للحياة.

٤-تضخم القولون السُمّي.

هو أكثر أسباب الموت عند مرضى التهاب القولون التقرحي.

٥-سرطان القولون:

تصل نسبة الإصابة بسرطان القولون لدى مرضى التهاب القولون التقرحي إلى ما لا يقل عن ٥%. تزيد فرصة الإصابة مع مرور الزمن على المرض لا سيما عند عدم علاجه بشكل كافي.

موضوعات ذات صلة